• slider
  • slider
  • slider
  • slider


  • تحليل النص القصصي : حقا تحت قدميك



    حقا تحت قدميك
    محمود حسين عيسى
    لم تسمع صوت حركاته الهادئة التي اعتادت عليها مذ أن كان طالبا في كلية الطب، لم ينقطع عنها ليلة ما. أنه ابنها الوحيد، وسندها في الحياة بعد أن أفقدها المرض الخبيث زوجها.
    تذكرت ليلة قالت له مشفقة: يا بني أراك تجهد نفسك كثيرا فأنت قضيت جل ليلتك في طلب العلم ولم تنم سوى ساعة واحدة.
    قبل يدها قائلا: يا أمي قيام الليل شرف المؤمن. قالت في نفسها : عل النوم غلبه فأضاع عليه ثواب التهجد. راحت تطرق الباب برفق لإيقاظه كي يدرك جماعة صلاة الصبح التي بدأت، لكنها لم تسمع صوتا يجيب طرقاتها ولجت داخل الغرفة واستدارت لتضغط على زر المصباح وهي تنادي بصوت رقيق: اصح يا أحمد لكن لا مجيب التفتت إلى سريره فلم تجده ووجدت ورقة مطوية تركها على وسادته. أخذتها بشغف وشرعت في قراءتها بلهفة واضطراب.
    سطر أحمد قائلا: أمي الحبيبة: غادرت إلى المسجد مبكرا وسوف انتظر الشروق، ثم انطلق إلى ميدان الحرية الذي تخلفت عنه ثلاثة الأيام الماضية، ليس حرصا مني على حياة، بل إشفاقا مني عليك. أمي الحبيبة: أسمع بكاء قلبك فينفطر قلبي، وأرى دمعة عينك فينهمر دمعي، وأشعر بلهفتك إلي وخوفك علي، ولهفي إليك أشد وخوفي عليك يمزق قلبي لكنها الحرية والكرامة يا أمي لم أنس كلامك الذي نقشته في عقلي وحواه صدري: لا تعش عيشة الجبناء بل عيش عيشة الشجعان. وارى الشجاعة الحقيقية ـ يا أمي ـ هناك في الميدان. لم أنس ـ يا أمي ـ سرد أبي غزوة بدر على مسامعي وأنا طفل صغير. لم أنس كلماته الواثقة المطمئنة التي بثها في وجداني: إن الفئة المؤمنة لا تغلب بكثرة عدد أو عتاد. وإن الحق يعلو دائما ولا يعلى عليه. لم أنس ـ يا أمي ـ ترديد أبي، الحرية ـ يا بني ـ لا توهب من ظالم مستبد: بل تنتزع من بين يديه. الحرية ـ يا بني ـ حق للإنسان الحر الذي خلقه الله حرا وليس عبدا لأحد سواه. كما قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. لم أنس قولك ـ يا أمي ـ عيش حرا في نفسك دوما حتى ولو كنت أسير الأغلال. اعلم ـ يا أمي ـ أني أخطأت في عدم استئذانك، ولكن عذري أني خشيت أن تمنعني نظراتك.
    ويحجبني أنينك، ولو نطق لسانك أو أشارت يدك لي بالخروج. سامحيني يا أمي سوف أعود إليك منتصرا بإذن الله، وإن كانت الأخرى فسأنتظرك هناك.
    خفق قلبها، ودار رأسها، وزاغ بصرها، وماجت الأرض تحت قدميها، واصطدم جسدها بسريره وأجهشت في بكاء ونحيب مستمرين حتى غلبتها سنة من نوم أفاقت منها سريعا. وراحت تمني نفسها: مؤكد أنه سيتصل بي كي يعدني بالعودة. أكيد شعر بعدم قدرتي على فراقه. سأعاتبه: أطاوعك قلبك ـ يا حبيبي ـ أن تخرج من دون أن أودعك، من دون أن أملأ عيني بصورتك وأحكم عليها جفوني، من دون أن أملأ صدري بعبيرك؟ لا لن أعاتبه، فهو رقيق المشاعر، مرهف الحس ستخنقه عبارات الاعتذار، وأنا اخشي عليه.
    أخرجها صوت الهاتف من حوارها فانطلقت نحوه كسهم راع غادر قوسه متجها نحو ذئب يريد افتراس شاة قاصية. وقفت أمام الهاتف لتلتقط أنفاسها اللاهثة، وتنتظم ضربات قلبها المضطربة : خوفا أن تعكس نبرات صوتها ما يدل على خفها وقلقها أو عتابها، ولكن نبضات قلبها ازدادت وسار في جسدها إحساس شعرت به لحظة فراق زوجها فزلزل كيانها، وجمد أطرافها، لكن سرعان ما استرجعت فلهج لسانها بالدعاء والتوسل إلى الله...
    التقطت سماعة الهاتف بيد مرتعشة قائلة :
    السلام عليكم،
    - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا عمر زميل أحمد في المستشفى.
    هل أصاب أحمد مكروه؟
    - الحمد لله على كل حال، إصابة بسيطة، وهو يريد أن يراك، سوف آتي لاصطحابكم.
    قال عمر وهو يقود سيارته ماسحا دمعة حارة ألهبت وجنتيه، اطمئني يا خالتي سيشفى إن شاء الله، لقد تعاهدنا ألا نترك ساحة الميدان، احمد كان بطلا شجاعا لم يعبأ بالحجارة ولا الرصاص الحي ولا المطاطي الذي كان ينهمر على الأبطال العزل كالمطر، كان همه الأول إسعاف الجرحى ولم يبال بما أصابه حتى سقط فاقدا الوعي...
    نظرت إليه وهو طريح الفراش لا يحرك ساكنا وقد لف رأسه بعمامة بيضاء نقية، رغم تغير لونها بدمه الزكي.
    حدقت في وجهه وقد بدا كالبدر ليلة اكتماله. انهمرت دموعها، وارتشفت شفاهها متمتمة، حسبي الله ونعم الوكيل.
    إنا لله وإنا إليه راجعون. إنا لله وإنا إليه راجعون.     


    التحليل:
    حقا تحت قدميك

           ساهمت عدة عوامل في تطور الأدب العربي عموما في شقه البشري من بينها الاستبداد العثماني وحملة نابليون على مصر التي استغرقت ثلاث سنوات ونكبة فلسطين سنة 1948 وعامل المثاقفة ويقصد بها التبادل الثقافي بين العالمين العربي والغربي، وهذا ما أثمر ظهور الأشكال النثرية الثلاثة : المسرح، المقالة، القصة، والقصة جنس أدبي حكائي عبارة عن سرد واقعي أو خيالي وقد يكون هدفها إثارة الاهتمام وإمتاع المتلقي، ظهرت بأوروبا خلال القرن العشرين وقد تطورت القصة في العالم العربي استجابة لكل مرحلة تاريخية فكانت القصة تعبير عن صراع الوطن ضد المستعمر وبعد ذلك تناولت قضايا المواطن ومن روادها ربيع مبارك، طه حسين، عبد الكريم غلاب ويوسف إدريس وتميزت القصة بعدة خصائص منها الاعتماد على عناصر المتن الحكائي الذي يحتوي في مضمونه على الأحداث والوقائع والقوى الفاعلة، الفضاء، العقدة أو المشكل وأخيرا الحل أو النتيجة وثانيا الاعتماد على عناصر المبنى الحكائي وفيه دراسة اللغة السردية ودراسة الرؤية وكذلك الخصائص الفنية (اللحظة ـ اللقطة ـ الموقف) والتي تخلص من خلال دراسها إلى القيم والاتساق الفكرية والاجتماعية، والقصة التي نحن بصدد دراستها "حقا تحت قدميك" لصاحبها محمود حسين عيسى، ومن هنا يتعين علينا طرح الأسئلة الآتية :
           * ما طبيعة الأحداث والوقائع بخلفية الخطاطة السردية والحبكة والرهان؟
           * ما طبيعة العلاقة الجامعة بيم القوى الفاعلة بخلفية النموذج العاملي؟
           * ما طبيعة الفضاء؟
           * ما طبيعة اللغة السردية: اللغة، الحوار، الوصف؟
           * ما طبيعة الرؤية السردية؟
           * ما طبيعة الخصائص الفنية (اللحظة، اللقطة، الموقف)؟
           * ما مدى تمثيلية النص لجنس القصة؟
    لدراستنا للمتن الحكائي الذي يحتوي في عناصره على الأحداث والوقائع سنقوم بجردها بخلفية الخطاطة السردية والخطاطة السردية مجموع المعطيات الأساسية التي ينبغي توفرها في النص القصصي والمسيرة بعملية الفهم والاستيعاب والتي تحتوي في مضمونها على ثلاث وضعيات وعنصرين ونوع البداية ونوع النهاية. سنشرع بالبدء بوضعية البداية وهي التي تقدم المدخل الرئيسي للنص القصصي وجاءت هنا دينامية لأن للروائي محمود حسين عيسى اقتحم المتلقي مباشرة في صلب الموضوع بالحديث عن صوت الحركات الهادئة التي اعتادت الأم سماعها من ابنها أما وضعية الوسط فهي اكبر مساحة في النص القصصي وهي التي تحتوي على ابرز الأحداث وتتمثل في تذكر الأم القول الذي ألقته على ابنها وهي تتلفظ بقولها يا بني أراك تجهد نفسك كثيرا، كون الابن يقضي معظم الليلة في طلب تحصيل العلم والمعرفة وبعد مرور ساعة واحدة قبل يدها وهو يقول يا أمي القيام الليل شرف المؤمن وبعد خروجها من تأملاتها قالت مع نفسها انه النوم غلبه فأضاع عليه صلاة الصبح وبعد حين طرقت باب غرفته برفق خوف أن تفزعه فدخلت الغرفة واستدارت لتضغط على زر المصباح وهي تنادي بصوت خافت رقيق اصح يا أحمد ولما نظرت إلى مكانه وجدت ورقة عوض ابنها كتب عليها بعض الكلمات المعبرة عن مدى حبه لأمه وتمسكه بألفاظ أبيه المرحوم بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا وظلت العبارات مبهمة في ذهنه، كما انه اعترف بخطئه لأنه لم يطلب الاستئذان منها وبكى قلب الأم من الحنين الذي تشعر به وشوقها لرؤية ابنها عند قراءتها للكلمات الأخيرة من الورقة بأنه سيعود منتصرا بإذن الله وان لم يكن اللقاء هنا سيكون في الآخرة، أحست بدوار وزاغ بصرها حيث اصطدم جسدها بالسرير وبدأت بالبكاء مرة أخرى وهي تؤكد لنفسها انه سيتصل بي ليعدني انه سيعود، سأعاتبه وهي مترددة في كل كلامها عندما قلت لا لن أعاتبه وهذا ما يدل على أن الابن رقيق المشاعر ومرهف الحس، انه لا يستطيع طلب الاعتذار لأن هذه العبارات ستخنقه، أخرجها رنين الهاتف من تأملاتها وتحاورها مع نفسها فانطلقت حوله مسرعة وعند وصولها وقفت أمام الهاتف تسترجع أنفاسها اللاهثة خوفا أن تعكس نبرات صوتها ما يدل على اضطرابها وقلقها وخوفها ولكن على عكس ذلك، ازدادت نبضات قلبها حين أحست بشعور لحظة فراق زوجها، فانهارت وجمد أطرافها لاسيما أنها بدأت في التوسل إلى الله بالدعاء بعد أن استرجعت وعيها والتقطت السماعة وهي ترتعش فألقت التحية وردت عليها من طرف زميل ابنها المسمى عمر فسألت عن ابنها أن أصابه مكروه فرد عليها عمر الحمد لله على كل حال إصابة بسيطة وانه يرد رؤيتها، فلما جاء لاصطحابها على متن السيارة فطمئنها قليلا وهو يمسح دموعه ويقول سيشفى إن شاء الله كما انه ذكر لها بأنهم أعطوا وعد لبعضهم البعض بأن لن يتركوا ميدان الحرية لأن ابنها كان شجاعا بطلا وكان همه الأول إسعاف الجرحى انه لم يبالي بما أصابه حتى سقط فاقدا الوعي، أما وضعية فهي آلات ما انتهك إليه النص القصصي فكانت هنا نهاية مأساوية الآن الأم شعرت بالحزن الشديد لوفاة ابنها الوحيد أما بالنسبة للعنصر المخل وهو ما يخلخل سيرورة الأحداث داخل النص القصصي ويتمثل في خروج الابن من المنزل دون طلب للاستئذان من أمه وعنصر الانفراج وهو الحل أو النتيجة فتتمثل في اتصال عمر زميل أحمد بالأم وإخبارها بحالة ابنها بالانتقال إلى الحبكة وهي كيفية انتظام الأحداث داخل النص القصصي وتتجلى في الحديث الأول وعدم سماع الحركات الهادئة المعتاد سماعها من الابن ثم استرجاع الأم للكلام الذي ألقته على ابنها الشاب كما انه غادر البيت دون إذن واسترجع أقوال أبيه المتوفى وبالعودة إلى الاسترجاع وهو تكسير الخطية الزمنية وختم الحدث بوفاة الابن وحزن الأم وكذا تمسكها بالإيمان، أما الرهان فهو المقري والمقصد والغاية الذي أراد الروائي إيصالها إلى القارئ وتمحورت حول العاطفة التي تجمع بين الآباء بأبنائهم والمودة وكذا الإحساس بالحرية والشجاعة كما أن هناك ارتقاء بالجانب الأخلاقي والاجتماعي التربوي، أما بالنسبة للقوى الفاعلة فهي كل عنصر ساهم في تكوين وتنامي الأحداث داخل النص القصصي سواء كانت أدمية أو غير أدمية، ويمكن رصدها من خلال الجرد والتصنيف والمميزات والخصائص وكذا العلاقات بينها بخلفية النموذج العاملي، علاقة الابن بالأم علاقة أمومة ومودة، علاقة الابن بالأب علاقة أبوة وعلاقة احمد بعمر علاقة صداقة ووعد وإخلاص، أما بالنسبة القوى الفاعلة الآدمية فهي كل قوة مؤثرة، الأم : أرملة، حنونة، صبورة متشبثة بالإيمان بالله عز وجل، أحسنت تربية ابنها، الابن : اسمه أحمد شاب طالب في كلية الطب، يقضي جل الليل في طلب العلم وتحصيل المعرفة، عمر وهو صديق لأحمد وفي لوعده، حنون، أما القوى الفاعلة الغير آدمية وقد تكون فكرة، حيوانا موقفا أو إحساسا فتتجلى في البيت وهو أول دافع زرع في الابن حب الحرية والوفاء بالوعد والتربية الحسنة، التفكير: وهو ما جعل من الابن يبصر أقوال أمه وأبيه لبلوغ ميدان الحرية. الخجل وهو ما منع الابن من عدم طلب الاستئذان من أمه للذهاب إلى ميدان الحرية لأنه خشي أن تمنعه نظراتها إليه أما العلاقات الجامعة بين القوى الفاعلة بخلفية النموذج العاملي الذي يحتوي على ست عوامل وثلاث علاقات، العامل الذات وهو أحمد والعامل الموضوع هو الميدان المراد اللجوء إليه وتجمع بينهما رغبة ووصل، أما العامل المرسل وهو رغبة وطموح أحمد في ولوج الميدان والعامل المرسل إليه فهو الجد والمثابرة وقضاء جل الليل في طلب العلم والمعرفة وتجمع بينهما علاقة إرسال أما العامل المساعد فيتمثل في الأب المتوفى والأم بطريقة غير مباشرة والصديق عمر أما العامل المعارض فهو الأم كذلك، بغض الناس وتجمع بينهما علاقة صراع أما بالنسبة للبنية العاملية الثالثة التي تتجلى في بنية تعدد وتباين الرغبات التي تتمثل في رغبة الابن في طلب العلم، رغبة الابن في اللجوء إلى ميدان الحرية، رغبة الأم في إيقاظ ابنها لصلاة الصبح، رغبة الأم في تحرير ابنها من جميع القيود، رغبة الأب في استمتاع ابنه بالحرية، رغبة الصديق في مساعدة أحمد، رغبة الابن في العودة إلى أمه وهو يحصل على الانتصار، رغبة الأم في رؤية ابنها كما كانت رغبة الابن كذلك.
    أما بنية صراع الرغبات فتتمثل في صراع رغبة الابن مع رغبة الأم تتجلى في كون الابن يريد الذهاب إلى ميدان الحرية ولكن الأم لا تريد لأنه سندها الوحيد، صراع رغبة الأم في منع ابنها من الذهاب أما بالنسبة لبنية تفسخ الرغبات فتتجلى في تحقق رغبة الابن في بلوغ ميدان الحرية، تحقق رغبة الأب والأم في تربية الابن تربية حسنة تحقق رغبة عمر بوفاء أحمد بوعده. وبالانتقال إلى دراسة الفضاء الذي ينقسم إلى زمان حقيقي وآخر رمزي ومكان حقيقي وآخر نفسي رمزي أما المكان الحقيقي فيندرج ضمن البيت والمأوى الذي يقطن فيه أحمد وأمه، المستشفى وهي مكان علاج الجرحى وهو كذلك مكان عمل أحمد وعمر أما المكان الرمزي النفسي فيتمثل في البيت وثم فيه الحدث الخطير ألا وهو مغادرة أحمد البيت واخذ سبيله إلى ميدان الحرية وهو العنصر المحل، أما الزمان الحقيقي فيتجلى في جل الليل وهو الوقت الذي يقضيه الشاب في طلب العلم وتحصيل المعرفة أما الزمن النفسي والرمزي فيتمثل في الصبح وحينما تفاجئت الأم بعدم وجود ابنها في غرفته كما انه زمن العنصر المخل (وزمن عنصر الانفراج وهو تلك اللقطة التي هاتف عمر فيها الأم لإخبارها بأحوال ابنها) ونكون قد خلصنا من دراسة المتن الحكائي ونأتي لدراسة المبنى الحكائي الذي يختص بدراسة اللغة السردية فكانت اللغة العربية الفصيحة ومن مؤشراتها "سامحيني يا أمي سوف أعود إليك منتصرا" وكما ورد أسلوب الحوار الخارجي الذي يتمثل في محادثة الأم مع ابنها ومن مؤشراته يا بني قيام الليل شرف المؤمن، والحوار الداخلي وذلك عند كلام الأم مع نفسها بقولها "لن أعاتبه فهو رقيق المشاعر ومرهف الحس، ستخنقه عبارات الاعتذار، وأنا اخشي عليه" هناك أسلوب الوصف وهو فن من فنون الاتصال اللغوي يستخدم لتصوير المشاهدة.
    وتقديم الشخصيات والتعبير عن المواقف والمشاعر والانفعالات ويتمثل في النص كون القاص وصحف محبة الابن لأمه ومودة الأم لابنها والأعمال التي كان يقوم بها في سبيل الله "قيام الليل شرف المؤمن" ومساعدة الجرحى في المستشفى، وبعد ذلك نأتي لدراسة الرؤية السردية ووظيفتها السردية لأن الراوي يروي أحداث القصة فقد بدأ يسرد قصته عن أحمد وأمه مما دل على علمه بها ولم يشارك إذن هي رؤية من خلف، أما الخصائص الفنية (اللحظة، اللقطة، الموقف) فتتمثل في اللحظة وهي جزء من الزمن وتتجلى في طرق الأم لباب غرفة ابنها لإيقاظه من النوم ليدرك صلاة الصبح وبعد قليل وخلت الغرفة ثم استدارت لتضغط على زر المصباح ثم التفتت إلى سريره فوجدت ورقة مطوية عوض وجود ابنها، أما القصة فهي جزء من اللحظة وتتمثل اتصال زميل أحمد بالأم وإخبارها بأحوال ابنها أما الموقف فيتجلى في خروج الأم من حوارها عندما سمعت رنين الهاتف وإحساسها بالخوف والقلق ولاسيما عند تفكير في فراق زوجها، وتخلص من خلال دراستنا للخصائص الفنية إلى دراسة القيم والأنساق الفكرية والاجتماعية فنجد أن الهدف الذي ارتمى إليه السهم هو الأسس التربوية الأخلاقية التي تتمثل في الإيثار وهو تفضيل الآخر عن النفس وهو عكس الأنانية والعنصرية.

    نستنتج من خلال ما سبق أن النص "حقا تحت قدميك" لصاحبها محمود حسين عيسى يقدم نموذجا للقصة لأنها استوفت شروط القصة التي تتمثل في دراسة المتن الحكائي الذي يهم بدراسة خمس عناصر وهي وضعية البداية وكانت دينامية ووضعية الوسط وتمت فيها أبرز الأحداث ووضعيته النهائية وكانت مأساوية وعنصرين العنصر المخل وعنصر الانفراج وكذا القوى الفاعلة والفضاء وكذلك الاعتماد على عناصر المبنى الحكائي الذي يتضمن الخطوات الرئيسية لدراسته وهي دراسة اللغة السردية والرؤية ومستويات الوصف والحوار (الداخلي، الخارجي) وكذلك الخصائص الفنية والحبكة والرهان والموقف الذي نخلص من خلالهما إلى استخراج القيم والأنساق الفكرية والاجتماعية والأخلاقية. ونرى أن هذه القصة توفرت في محتواها على جميع المكونات والمراحل المتتبعة لدراستها بحيث أنها جسدت لنا الواقع الذي نعيشه، لهذا فإن النص "حقا تحت قدميك" يمثل جنس القصة.

    الحبابي فاطمة الزهراء


    صفحتنا


    عدد المشاهدات