• slider
  • slider
  • slider
  • slider


  • تحليل قصة "عاقبة الخيانة"



    عاقبة الخيانة



    عندما غادر (التهامي) المكتب الجهوي للقرض الفلاحي حاملا كمية من المال تكفيه للتغلب على مشاكل الحرث لهذه السنة أحس أن هناك من يتعقبه. وعندما انتهى إلى الطريق الطويلة تيقن  تماما أنه في خطر، وأن  حماره لن يستطيع الإفلات من هلاء الذين يترصدونه عن بعد، فهم يحافظون على مسافة معينة يتركونها بينهم وبينه، إذ كلما توقف عن السير للتعرف عليهم كانوا يتوقفون هم أيضا. ولذا أخذ يفكر بجد في طريقة تنجيه من هلاء اللصوص، خاصة وأن الليل سيداهمه وهو ما يزال في الطريق. وانتهى به التفكير إلى المبيت عند أحد يعرفه، وفعلا اتجه إلى (الجيلالي) يعرض عليه مشكلته ويطلب منه أن يقضي ليلته عنده. ورحب (الجيلالي) به وفي نيته أن يفوز بالمال لنفسه. وعندما تقدم الليل قليلا أقفل الباب على (التهامي)، وخرج ليبعد الحمار عن المنطقة حتى لا يترك أثرا لجريمته. ولما شاهد اللصوص رجلا يمتطي حمارا ويغادر مسكن (الجيلالي) اعتقدوا أنه صاحبهم، فما إن ابتعد قليلا عن البيت حتى أقبلوا نحوه، وقتلوه، وفي الصباح كان (التهامي) يقطع المسافة التي ستوصله إلى حقله، وهو في مأمن من كل لص.



    تحليل قصة "عاقبة الخيانة"
    ل: ابراهيم بوعلو



                ساهمت مجموعة من العوامل في ظهور وتطور الأدب العربي عموما والنتر على وجه الخصوص كحملة نابليون على مصر التي دامت ثلاث سنوات، والاستبداد العثماني والقضية الفلسطينية خصوصا النكبة التي زعزعت الوجود العربي، بالإضافة إلى التبادل الثقافي بين العالمين الغربي والعربي. كل هذا أثمر ظهور ثلاث أجناس أدبية: المسرح، المقالة، القصة، وقد  برزت هذه الأخيرة خلال ق 18 و 19 في أوربا ولم تظهر في العالم العربي الإخلال ق 20، وهي فن أدبي قصصي تلبي حاجة إج وفنية، أما الأولى فهي التعبير  عن قضايا المواطن وهمومه الأج، والثانية تطوير الشكل الفني للقصة. ومن أبرز رواد هذا الاتجاه الأدبي  جبران خليل جبران، محمد برادة، محمد بنيس، ع الكريم غلاب، ومن أبرز خصائص هذا الفن القصصي احتوائه على عناصر المتن الحكائي وتنكر المبنى الحكائي يمختلف عناصره، والنص القصصي الذي بين أيدينا "عاقبة الخيانة" ل "ابراهيم بوعلو" ومنه:
    1-      ما طبيعة المتن الحكائي؟
    2-      ما طبيعة المبنى الحكائي؟
    3-      ما مدى تمتيلية النص لجنس القصة؟

    من خلال تتبعنا لعناصر المتن الحكائي متبين لنا من أول عنصر والذي هو جرد الاحداث والوقائع ...... الخطاطة السردية حيث أن وضعية البداية تتعلق بمغادرة "التهامي" المكتب الجهوي للقرض الفلاحي محمل بكمية من المال اقترضه للتغلب على مشاكل الحرث  وأحسن بأن هناك من يترصده، ونوع هذه البداية هي بداية دينامية لأن القاص أدخلنا  في صلب الموضوع مباشرة، أما وضعية الوسط فتحبت في إحساس "التهامي" بأنه في خطر وأن اللصوص يلاحقونه، حيث ظن أنهم رغبوا في أخذ الحمار مما دفعه إلى التوقف عن السير من أجل التعرف عليهم وكلما وقف وقفوا هم  أيضا شاركين مسافة تفصل بينهم وبين "التهامي" الذي سيداهمه الليل وهو لا يزال في طريقه وبدأ يفكر في طريقة تنجيه من اللصوص بعدما  انتهى به الأمر إلى المبيت عند "الجيلالي" الذي عرض عليه مشكلته ورحب به "الجيلالي" لكن نيته غضرا حيث رغب في الفوز بالمال الذي اقترضه "التهامي"  وبعد أن اطمأن "الجيلالي" بأن "التهامي" قد داهمه النوم أقفل الباب عليه وخرج لابعاد الحمار عن المنزل لطم أثر الجريمة لكنه سقط في فخ أبدي حيث اعتقدوا اللصوص أنه "التهامي"  لأنه  امتطى  الحمار مغادرا به، وبعد ابتعاده عن  البيت التحقوا اللصوص "بالجيلالي" وقتلوه، أما وضعية  النهاية حيث ظل "التهامي" في الصباح الباكر آمنا مطمئنا من أي أدى سيصيبه وهو في طريقه إلى حقله وهي نهاية سعيدة لأن "التهامي" بطل القصة لم يصيبه أي أدى.
    أما بخصوص العنصر المخل أو العقدة فهي عندما أحس التهامي بالخطر  وتيقن أن اللصوص يترصدونه في الطريق، وعنصر الانف..... تجلى في اعتقاد اللصوص بأن الجيلالي هو "التهامي" فقتلوه.  وفيما يخص  حبكة القصة فإن الكاتب استخدم تقنية  ال...... الزمنية  حيث تسلسل أحداث القصة  (الاحساس ...... يقترب من "التهامي" – المبيت عند "الجيلالي" والذهاب  إلى الحقل في مأمن ...)  أما رهان القصة فتجلى في الخيانة حيث  خان "الجيلالي" صديقه "التهامي" مما جعله يدفع ثمنا وحينما. حيث بين الكاتب أن الطمع يؤدي إلى العمر لدرجة خيانة الأقرباء.
                ومن هنا يمكننا الانتقال إلى ثاني  عنصر من عناصر المتن الحكائي ودراسة القوى الفاعلة وذلك من خلال استخراج القوى الفاعلة وخصائصها حيث تتفرع إلى قوى آدمية تجلت في "التهامي" الرجل  الفقير الذي يملك حقل واظطر إلى الاقتراض من أجل التغلب على مشاكل حرته و "الجيلالي" الذي رحب "بالتهامي" لكن بنيته خيانته والفوز بماله واللصوص الذين كانوا يتعقبون "التهامي" وهو في طريقه إلى الحقل، أما القوى الفاعلة الغير آدميته فتجلت في المكتب  الجهوي للقرض الفلاحي الذي اتجه إليه "التهامي" للاقتراض منه، والاحساس بأن اللصوص يتعقبونه، والحمار الذي ظن "التهامي" أن اللصوص رغبوا في  أخذه والحقل الذي أراد "التهامي" الاقتراض من أجل التغلب على حرثه، ومنه يمكن جرد كل العلاقات بين القوى الفاعلة "فالتهامي" و "الجيلالي" بينهم علاقة  معرفة وعلاقة "التهامي" بالمكتب الجهوي للقرض الفلاحي علاقة مصلحة وعلاقة الحمار بين التهامي هي علاقة مساعدة وتعاون ومصلحة أيضا وعلاقة  الحقل "بالتهامي"  علاقة تغلب على المشاكل المكلفة  للحرث. والآن سنحدد علاقات القوى الفاعلة مخلفية  النموذج العاملي من خلال ست عوامل وثلاث علاقات   أما العامل الذات فهو التهامي والعامل  الموضوع فهو اقتراض المال من أجل التغلب على مشاكل الحرث أما العلاقة بينهما فهي علاقة وصل ورغبة، أما العامل المرسل فهو الرغبة في حرث الحقل والتغلب على مشاكله  والعامل المرسل إليه فهو تحمل المشاق ومواجهة الصعوبات والعلاقة بينهما هي علاقة رغبة أما العامل المساعد فهو المكتب الجهوي للقرض الفلاحي والعامل المعارض هم اللصوص الذين يتعقبونه ومنه يمكننا الوقوف عند البنية العاملية من خلال ثلاث بنى أولاهما تعدد وتباين الرغبات حيث رغبة "التهامي" في الحصول  على القرض  للتغلب على مشاكل الحرث، ورغبة اللصوص في الحصول  على الحمار والمال ورغبة "الجيلالي" في غضر وخيانة "التهامي" والفوز بالمال، أما بنية صراع الرغبات فهي صراع رغبة "التهامي" ورغبة  اللصوص، وصراع  رغبة "الجيلالي" ورغبة "التهامي"، أما في ما يخص تفسخ الرغبات حيث تفسخت رغبة "الجيلالي" من خلال قتل اللصوص له ورغبة اللصوص من خلال الفوز بالحمار فقط. ومنه يمكننا  دراسة الفضاء الزمكاني الزمان الذي ينقسم بدوره إلى حقيقي ورمزي أما  الحقيقي فتجلى عندما غادر "التهامي" مكتب القرض الفلاحي والليلة التي قضاها عند "الجيلالي" أما الرمزي  فهو زمن إحاسه بالخطر يقترب منه، أما المكان فهو أيضا يتفرع إلى قسمين حقيقي ونفسي، أما  الأول فتجلى في مكتب القرض،  ومسكن الجيلالي،  والمنطقة التي يقطن بها، أما النفسي فتجلى في الطريق الطويلة التي أحست "الجيلالي" يشعر بأن اللصوص يترصدونه  والمكان  القريب من البيت الذي قتل فيه "الجيلالي".
    وعليه يمكننا الانتقال إلى دراسة  المبنى الحكائي أو  الشكل والخطاب من خلال دراسة  اللغة  السردية حيث استعمل القاص التهجين وذلك من خلال أسماء  القوى الفاعلة (التهامي – الجيلالي) حيث مزج بين اللغة  العربية واللهجة، كما زواج بين أاليب التفير بخاصيتيه الوصف والسرد، أما الوصف حيث وصف القاص حالة اللصوص وهم يقتربون من التهامي ووصف أيضا الطريق بأنها طويلة،  وخاصية السرد حيث أن القصة سردية من خلال سرد القاص  للأحداث والوقائع السالفة ذكرها (عندما غادر التهامي المكتب الجهوي للقرض الفلاحي...) من خلال خاصية  الخطية الزمنية أما الحوار  فلم يوظفه القاص في قصته بنوعية الداخلي والخارجي (المونولوك والديالوك)، وفيما يخص الرؤية السردية فقد وظف الكاتب رؤؤية من الخلف لأن القاص خاز وظيفتين فقط من وظائف الرؤية وهي العلم والمعرفة والسرد، ولدراسة الخصائص الفنية وجب الوقوف عند اللحظة واللقطة والموقف أما اللحظة فتجلت لحظة إحساس "التهامي" بالخطر يتعقبه  أما اللقطة وهي مرتبطة باللحظة فعندما بدأ يفكر في طريقة تخرجه من هذا المأزق والموقف هنا موقف خوف. وآخر عنصر المبنى الحكائي هو دراسة القيم والانساق الفكرية  وهي الظواهر التي يعالجها النص القصصي الماثل بين أيدينا حيث أن الطمع يدفع إلى عمى البصيرة مما يهدف إلى الانتهاز والخيانة بدون النظر الى عواقبها التي تكون وخيمة.

                وختاما يمكن القول ان القصة "عاقبة الخيانة"  ل "ابراهيم بوعلو" مثلت جنس القصة خير تمثيل من خلال توفرها وجمعها لجل خصائص جنس القصة والمتجلية في المتن الحكائي بعناصره الخمس (جرد الوقائع والاحداث- الحبكة- الرمان- دراسة القوى الفاعلة...) والمبنى الحكائي الشامل لخمس عناصر أيضا (اللغة السردية – الرؤية السردية...).
      





    صفحتنا


    عدد المشاهدات