• slider
  • slider
  • slider
  • slider


  • تحليل نص مسرحي : امرؤ القيس في باريس


    امرؤ القيس في باريس

    ساهمت عدة عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية في القرن 20 في تطور الأدب العربي وأهم العوامل : الاستبداد العثماني، الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي ثم نكبة فلسطين سنة 1948 والتي أثمرت ثلاث أجناس أدبية وهي المقالة، القصة ثم المسرح، وهذه الأخيرة هي فن من الفنون النثرية تعتمد على قصة تعالج فكرة معينة ويعبر عنها الممثلون بحوارهم وتصرفاتهم وحركاتهم ببعضهم البعض على خشبة المسرج حيث ظهر في منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين ومن بين رواده: فرحان بلبل، توفيق الحكيم، عبد الكريم برشيد ومن خصائصه الموضوع والتصميم. تسلسل الأحداث والصراع ، الهدف الأعلى، الشخصيات ونحن ضمن درامية النص امرؤ القيس في باريس للكاتب عبد الكريم برشيد وهو كاتب مغربي ولد بمدينة بركان سنة 1943 وتابع دراسته بمدينة فاس، اشتغل بالتعليم والتحق بعد ذلك بالمعهد العالي لتدريس الفنون المسرحية ثم بوزارة الثقافة وقد جمع في تأليفه بين الكتابة المسرحية والدراسات النقدية والنظرية وله عدة أعمال إبداعية نذكر منها على سبيل المثال (الدجال والقمامة) و(جحا في الرحى) و (عرس الأطلس) وقد اخذ هذا النص عن مسرحية (امرؤ القيس في باريس) سنتناول هذه المسرحية للدرس والتحليل من خلال الأسئلة الآتية:
    1.    ما طبيعة المتن الحكائي بكل عناصره؟
    2.    ما طبيعة المبنى الحكائي بكل عناصره ؟
    3.    ما هي القيم والأنساق الفكرية؟
    4.    ما مدى تمثيلية النص لجنس المسرح؟
    يبدأ تحليلنا بدراسة المتن الحكائي من خلال أول عنصر وهو دراسة الوقائع والأحداث عبر جردها بخلفية الخطاطة السردية وهذه الأخيرة هي مجموعة المعطيات الأساسية الواجب توفرها في نص سردي والميسرة للفهم والاستيعاب وتتضمن ثلاث وضعيات الوضعية الأولى وضعية البداية، وهي الوضعية الأولية التي تقدم فيها العناصر والأجناس والمعطيات الأساسية في نص سردي وقد تكون معلقة الزمان والمكان والأحداث والشخصيات ... وتمثلت في النص في دخول عامر الأعور وهو يقود خلفه بابلو طالبا امرؤ القيس بالرحيل لأن حياته في خطر ونوعها دينامية لأنها أدخلت القارئ في صلب الموضوع مباشرة، أما وضعية الوسط أو مرحلة الوسط فهي التي تشكل المساحة الكبرى في النص ونقصد بها مجموعة الأحداث والشخصيات المتفاعلة والمتصارعة داخل النص المحكي أو السردي وتمثلت في رغبة عامر الأعور في الرحيل من باريس ومطالبة بابلو وعامر من أمرؤ القيس أن يرافقانه إلى مدينة أخرى آمنة ومطمئنة لأن هناك رجلان مسلحان يبحثان عنه ويريدان قتله فقام عامر بترتيب الحقائب لمغادرة باريس وحيرة امرؤ القيس بالمغادرة أم لا وبعد هذه الحيرة الطويلة طلب امرؤ القيس من عامر الأعور أن يعطيه يده لكي يأخذه إلى حيث يطمئن قلبه ومسألة عامر الأعور امرؤ القيس عن الطريق الذي يمشيانه إلى نهاية أم لا مخبرا إياه أن هذا ليس طريقا بل عمرنا أنه إن لم يستطع الذهاب معه فليمكث في مكانه أما وضعية النهاية أو مرحلة النهاية فيقصد بهام آلات النص السردي ومسائر الأحداث والوقائع أو القوى الفاعلة وهي خاتمة النص السردي وتمثلت في إكمال امرؤ القيس ما بقي من عمره وحده وعدم استطاعة عامر الأعور رؤيته حتى سمع طلقات نارية مصاحبة وصراخ فتأكد أنهم قتلوه ونوع هذه النهاية حزينة أما فيما يخص العنصر المخل فهو ظهور خبر القناصين الذين يتربصان بامرؤ القيس من أجل اغتياله. أما عنصر الانفراج فيتمثل في إصرار امرؤ القيس على مواجهة المخاطر وعدم الهروب منها.
    وتتحكم في الحبكة خاصيتان: خاصية الخطية الزمنية أي تتابع الأحداث وتتمثل في رغبة بابلو وعامر في مغادرة باريس وطلبهما من امرؤ القيس أن يرافقهما لكن امرؤ القيس تم اغتياله في النهاية، خاصية الاستشراف وتتمثل في امرؤ القيس رغبة في حماية شعبه من تحت حكم السيف والرصاص ويراهن الكاتب على توعية الرأي العام على محاربة المجرمين والتضحية من أجل إنقاذ المجرمين من العنف الذي يتعرضون له ونشر قيم التضحية من أجل الأخر وكذلك صراع الحضارات بين الحضارة العربية التي يمثلها امرؤ القيس والحضارة الغربية التي يمثلها كل من المجرمين وبابلو لكن رغم الصراع فقد ظل بابلو يساعد امرؤ القيس ولدراسة القوى الفاعلة سنبدأ بتصنيفها إلى آدمية وغير آدمية مع ذكر خصائصها وتتمثل القوى الآدمية في امرؤ القيس وهو حائر ينتمي إلى طبقة اجتماعية مشرفة، مضطرب، شاب ذو شخصية قوية، قوي غير جبان، عامر الأعور وهو شاب، صديق امرؤ القيس، ومخلص له، بابلو : صديق كل من امرؤ القيس وعامر الأعور أما القوى الغير الآدمية فتتجلى في باريس وهي مدينة فرنسية كان يقطنها كل من امرؤ القيس وأصدقائه. الطريق وهو يمثل ممر امرؤ القيس وهو طويل وصعب، المخابئ أماكن اختبئ فيها امرؤ القيس وأصدقائه والآن سنمر إلى دراسة العلاقات بين القوى الفاعلة وعناوينها وتبدأ بجرها علاقة امرؤ القيس بعامر الأعور علاقة ملك بتابعه وعلاقة امرؤ القيس ببابلو علاقة صداقة وعمل ثم ننتقل إلى دراسة النموذج العاملي بعوامله الستة وعلاقته الثلاث. العامل الذات امرؤ القيس ويبحث عن العامل الموضوع التضحية من أجل حرية الشعب والعلاقة بينهما علاقة وصل ورغبة والعامل المرسل وهو حب الشعب أما العامل المرسل إليه فهو مواجهة المخاطر وعدم الهرب منها وبينهما علاقة إرسال أما العامل المساعد فهو عامر الأعور وبابلو أما العامل المعارض فهو القناصين والقتلة والعلاقة بينهما هي علاقة صراع أما النموذج العاملي الثاني العامل الذات القتلة والمجرمون ويبحث عن العامل الموضوع أي عن اغتيال امرؤ القيس والعلاقة بينهما علاقة وصل ورغبة والعامل المرسل هو الطمع والكراهية أما العامل المرسل إليه فهو الجريمة والتتبع والحرص وبينهما علاقة إرسال أما العامل المساعد فيتمثل في المال أما العامل المعارض فهو بابلو وعامر الأعور وبينهما علاقة صراع ثم ننتقل إلى دراسة البنية العاملية من خلال ثلاث بنى : بنية تعدد وتباين الرغبات وتتمثل في رغبة امرؤ القيس الوصول الى الحكم ورغبة عامر الأعور في رحيل امرؤ القيس من باريس ورغبة القناصين في القضاء على امرؤ القيس. بنية صراع الرغبات وتتمثل في صراع على رغبة امرؤ القيس الذي يريد البقاء في باريس ورغبة عامر الأعور وبابلو في رحيل امرؤ القيس منها ورغبة القناصين في اغتيال امرؤ القيس.
    أما البنية الثالثة وهي بنية تفسخ الرغبات حيث تم تحقيق رغبة المجرمين وتم القضاء على امرؤ القيس ولدراسة الفضاء ويقصد به الزمان والمكان فنجد الكاتب وظف الزمان الحقيقي وتجلى في اليوم، الساعة، أيام، العمر، أما الزمان الرمزي والسكولوجي فيتجلى في لحظة جمعهما للأمتعة استعدادا للهروب من باريس لأنها شكلت نقطة تحول وتغيير لكل ما عقد عليه امرؤ القيس ولحظة ابتعاد امرؤ القيس عن عامر الأعور لأنها ساهمت في اغتيال امرؤ القيس وبالتالي فوز المجرمين أما المكان الحقيقي فيتجلى في باريس المخابئ، الطريق، جنوب باريس وشمالها أما المكان الرمزي فيتجلى في الطريق من خلال إشارته لعمر امرؤ القيس .
    ولدراسة المبنى الحكائي سنبدأ بدراسة اللغة السردية وقد استعمل الكاتب اللغة العربية الفصحى والمؤشرات الدالة عليه "حائر أنا فأرشدني ماذا أفعل؟" كما استعمل خاصية الوصف حيث وصف فضاء مدينة باريس التي لم تعد كما كانت آمنة مطمئنة" كما وصف عامر الأعور المساعد الرافض للحياة في باريس. كما استعمل خاصية السرد ويتمثل في خاصية الخطية الزمنية أي تتابع الأحداث وتسلسلها وقد تمت الإشارة إليها في دراسة الحبكة. وأخيرا خاصية الحوار والنص عبارة عن حوار خارجي "عامر الأعور ومن الطريق التي نمشيها بامرؤ القيس ... امرؤ القيس : ماذا بها" وكذا الحوار الداخلي حيث كان عامر الأعور يحاور نفسه "قتلوك يا زين الشباب...قتلوك.. قتلوك..." ثم ننتقل إلى دراسة خاصية الصراع الدرامي حيث تتصارع قوى الشر فالمجرمون يمثلون قوة الشر حيث يرغبون في امرؤ القيس و امرؤ القيس قوة الخير حيث يرغب في العيش من أجل تحقيق رغبات الشعب ومن أجل الوصول إلى الحكم أما خاصية السينوغرافيا ويقصد بها هي مجموع الإشارات المسرحية ونستخلصها من خلال اللغة الواصفة حيث يصف التهيئات التي قام بها عامر الأعور من أجل الرحيل امرؤ القيس من باريس وهذا ما تدل عليه الإشارات الآتية "يخرج الحقائب ويشرع في وضع ملابس بداخلها" أما الهدف الأعلى فيتمثل في الهدف الأسمى الذي يسعى الكاتب إلى إيصاله لنا وهو بيان ما يجب على الحاكم القيام به من أجل سعادة الشعب وأن الهروب ليست طريقة لحل المشاكل وإنما مواجهة المخاطر التي يعالجها النص ومن بينها الشجاعة ومواجهة المصائب وهذا ما فعله امرؤ القيس للدفاع عن مطالبه وشعبه ولم يهرب من القتلة الذين يتربصون به بل وقف بشجاعة أمامها وتصد لها.

    ومن خلال ما سبق يتضح أن النص ينتمي لجنس المسرح وذلك بتوفرها على عدة خصائص كالسينوغرافيا حيث وصف تهيئات التي قام بها عامر الأعور من أجل الرحيل امرؤ القيس من باريس وكذا الصراع الدرامي حيث أن امرؤ القيس يمثل قوة الخير أما المجرمون فيمثلون قوة الشر وهذا ما يشير إلى أن النص ينتمي لجنس المسرح.
    كوثر الراشدي
    مريم لوفي
    هاجر علي
    مروة الحسني
    هبة الله الحسني
    فاطمة الزهراء بوتسموت
    ابتسام حناني



    صفحتنا


    عدد المشاهدات